-->

«كاسيت وتلفزيون ملون»..آخر ما تبقى من غرقى «سالم إكسبرس» (صور)



يومًا عادي كغيره، لا يحمل في طياته جديد، حرارة مرتفعة، وآشعة شمس حارقه، لا تغفر لمن يمر أسفلها ولو كانت حالته إضطرارية، قرر «عبد الرحمن» هو ورفاق العمل، تكسير الحاجز الروتيني المعتاد في يومهم، وبدء مغامرة جديدة، وإكتشاف غموض أعالي البحر، من خلال وظيفتهم المائية «الغطس»، لتتحول رحلتهم الترفيهية، لرحلة إكتشاف حطام سفينة، مر عليه ما يقرب من 28 عام، وبعد الفحص، يتضح أن السفينة تعود لعام 1991، رُفع علم دولة بنما عليها، ومملوكة لشركة "سما تورز" للملاحة، غرقت في 15 ديسمبر من عام 1991، في البحر الأحمر قبالة سواحل سفاجا في مصر، خلال رحلة بين جدة والسويس، ذلك بعد اصطدامها بحقل للشعاب المرجانية مما أسفر عن مصرع 476 شخصاً.


«سالم إكسبرس»، السفينة الغارقة بأحلام ضحياها، حملت على متنها فرحة واشتياق قبل أن تستقل بين الشُعب المرجانية، حملت في طياتها احلام العائدين من جدة، محملين بالهدايا والأجهزة الكهربائية الجديدة «أحدث موضة»، وملابس أطفالهم حديثي الولادة، فلم تكن الغربة هينة إلا لإسعاد قلوبهم، ولكن القدر كان له رأي أخر بالقصة، فبعد الإصطدام بالشُعب المرجانية، حاول ربان السفينة طلب الاستغاثة في تمام الحادية عشر مساءً، إلا أن عمليات البحث لم تتحرك قبل الثامنة صباح اليوم التالي، وظل الركاب في درجة حرارة بلغت 5 درجة مئوية، في مواجهة الرياح العاتية وأسماك القرش، مما أظفر عن موت المئات ولم يُعثر على آثر السفينه حينها.


استغرق الوقت ساعات، لتصوير مقتنيات ضحايا «سالم إكسبرس»، فبين «الفستان» و «الكاسيت» و«التليفزيون الملون»، أحلام وردية، طوتها المياه المالحة، حتى تمكن مجموعة من الغطاسين المصريين والعرب، من العثور على كم كبير من مقتنيات السفينة الغارقة، وتصويرها كافة، لتخليد اللحظة، وانتشرت في الآونة الاخيرة، مجموعة من صور الغطاسين، على مواقع السوشيال ميديا، وطالب النشطاء المسئولين، بسرعة استخراج المقتنيات، وحفظها للذكرى، نظرا لبقاء كمية كبيرة منها على حالها، دون أن يغير الزمن مالمحها.


«أول لما نزلت ودخلت غرفة الحقائب، حسيت إني عايش معاهم وشايف اللي حصل»، هكذا عبر «عبد الرحمن سالم» الغطاس الذي إلتقط صور مقتنيات غرقى «إكسبرس» بعام 2016، مر أمامه مشهدًا، لم يعاصره، ولكنه استطاع رؤيته بوضوح، من خلال الأحلام الغارقة بين شُعب سافاجا، «اكثر لحظات حزن عشتها في أي غطسه في حياتي، بداية من اللي كان شاري عربيه لعبه لإبنه، للأم اللي كانت شاريه فستان لبنتها الصغيرة، للحصير اللي كانوا بيقعدوا عليه لشرايط الطبلاوي اللي كانوا مشغلينها على طول، ومنهم اللي صرف فلوسه علي غسالهة أو تلفزيون أو مروحة، واللي راجع بعربية ومستني اللحظة اللي اهله هيشوفوها»، يروي «عبد الرحمن» متأثرًا بما شاهده أسفل المياه، ليصبح البحر مقبرة الجثث الغارقة، وأحلامهم الذائبة.

المحرر
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع kallabsh .

جديد قسم :

إرسال تعليق